عصفور وجرادة
فهو كذلك يفكر في بداية دخوله هذه المهزلة ,
فمن حادثة الجرادة و العصفور التي كانت في سهولتها كالعسل ,
ثم حادثة كنز الملك المسروق التي كانت في احتدامها حامضة كالخل , و أخيراً هذه الحادثة الثقيلة السوداء كالقطران , و هو كالعادة رجل يتمتم بكل ما يفكر فيه ,
فتمتم متنهداً متحسراً : الأولى عسل ، و الثانية خل ،و الثالثة قطران ..
و لم يفق إلا على يد الملك تضرب كتفه،
و وجهه متهلل كالبدر : أحسنت .. أحسنت , علت التصفيقات و الزغاريد , و انهمرت عليه التهاني من كل حدب , و صافحه الملك و هنأه على نفسه
و هنأ عليه ملكه , و أجزل له العطايا ,
و هو نفسه لا يصدق نفسه ،و كأنه في غيبوبة , إنهالت عليه تهاني الوزراء و إطراءاتهم ,
و طلب منه الملك زيارته في مملكته , و كانت زوجته الجرادة أكثر ما يكون فخراً بنفسها أمام بقية النساء فقد أصبح زوجها الغبي من الحاشية الملكية ،و أكثر ما يكون منهم إلى الملك قرابة .
و بفضل الجرادة – و الحظ – أصبح للعصفور مكانة لا ينازعه فيها أحد عند ذي ملك و رياسة و لم يزل الحظ حليفه إلى آخر لحظات حياته , و من يدري .. قد يأتي يوم يصبح فيه هو ملك البلاد بأسرها.
و حكاية الجرادة و العصفور هذه إحدى الحكايات الشعبية التونسية , ورثها عنهم المهاجرون الجزائريون في أيام الاحتلال الفرنسي و هم يروونها لأبنائهم و أحفادهم يتناقلونها كابراً عن كابر،
و لا أدري إن كانت هذه القصة لا تزال تحافظ على شعبيتها في وطنها الأم و لكنها مع ذلك ما تزال تتمتع بحظوة لدى الأوساط الريفية
***النهاية***